أدب الموت

الأحد، 2 سبتمبر 2007

سلام على تلك الرمائم فى التراب

نقلا عن إسلام لطفى فى مدونته الكواكبى
اليوم هو الذكرى العشرون لوفاة والدي رحمة الله عليه
تفاجأت منذ حوالي 15 دقيقة أني فقدت أبي منذ عشرون عاماً بالتمام والكمال
حقيقة لم أعاشره كثيراً . . فقد رحل ولم ابلغ 8 سنوات؛ فعلياً وعيت له ولحبه الجارف لي باعتباري آخر العنقود الذي جاء للحياة في الوقت بدل الضائع لمدة ثلاثة أو اربعة سنوات تقريباً
وعلى صغر وقصر تلك الفترة إلا ان قناعتي لا تتبدل أن تلك السنوات القلائل كانت من أهم سنوات عمري كله وكيف لا وهي سنون الطفولة في أحضان أب
لا أتذكر عن الأستاذ لطفي علي شلبي الكثير . . لا اتذكر سوى صورته ونبرة صوته اللذين لا أنساهما ابداً؛ اتذكر رائحة أحضانه الطيبة والمميزة تلك الأحضان التي كنت أهرب اليها من أي كارثة اتسبب فيها و من الدنيا كلها
بشكل عام كانت رائحته الزكية تنتشر في اي مكان يجلس او يمر به وأظن ان شغفي وافراطي في التطيب له علاقة بهذا الأمر؛ أتذكر محافظته على الصلاة وعموماً منذ أن وطأت قدماي أعتاب المراهقة وأنا لا إرادياً لا أحترم أي رجل لا يصلي حتى في الفترات التي كنت لا انتظم في الصلاة فيها . . ربما لأنه زرع في صدري دونما توجيه او ارشاد وجوب المحافظة على الصلاة بمحافظته ومواظبته عليها
اتذكره وهو مرتدي جلبابه الأبيض المفرود بعناية وهو يصطحبني لكل صلاة جمعة في المسجد الكبير بالقرب من بيتنا القديم في شبرا
اتذكره وهو يصطحبني في معظم زياراته لقريتنا واتذكر حب بسطاء قريتنا الكبير له وترحيبهم به وبما يحمله لهم من خير في كل زيارة وحتى الآن بعد مرور عشرون عاماً على غيابه لا يعرفني أحد في قريتنا إلا ان قام احد الحضور بتعريفي للناس بأني ابن المرحوم الحاج لطفي شلبي
اتذكر نظارة القراءة الخاصة به ماركة بيرسول ولونها اسود وكانت بحق مميزة جداً . . إذ ان أبي كان فريداً في نظارته الطبية فلديه عين بها طول نظر والأخرى قصر نظر
اتذكرك يا ابي ولم ولن انسى طيب ذكراك
وسأبقى أتذكر بشكل جيد جداً هذا الصباح الرمضاني القائظ الذي بلغني فيه خبر وفاتك
واتذكر جيداً اني لم ابكيك كثيراً في أول أيام غيابك عن عالمي ربما لعدم ادراكي واستيعابي لمعنى أن تكون طفلاً بغير أب؛ ربما لما كان قد ترسب في ذهني من تعاليم تلقيتها في المسجد في سني الصغير آنذاك أن من يمت في رمضان يغفر الله له ويدخله الجنة
لم ابكك يا أبي في اول أيام غيابك ولكن بكيتك وابكيك باقي العمر
اللهم اغفر لأبي وارحمه
اللهم اسكنه فردوسك الأعلى
سلامُ عليك يا أبي
سلامُ على تلك الرمائم في التراب
posted by ومضات .. أحمد الجعلى at 1:12 ص

0 Comments:

إرسال تعليق

<< Home