أدب الموت

السبت، 15 سبتمبر 2007

البسمة الباكية





فيديو وداع علاء .. أعده عمر الجارحى

-----------------------------------

عمرو كمال يكتب فى رثاء علاء جبة .. البسمة الباكية:
كعادتي هذه الأيام ينتهي يومي بعد صلاة الفجر بقليل ، حيث أحب المذاكرة في وقت الليل و الناس نيام ، و لكن هذه المرة ، على غير سابق استعداد ، تغير الأمر


فذهبت هذا اليوم لصلاة الفجر في المسجد الذي اعتدت أن أراه فيه في الفجر ، و تأخرت قليلاً فدخلت المسجد بعد الركعة الأولى ، لأجد أحد إخواننا يؤم المصلين و لم أعهد منه أن يصلي الفجر في هذا المسجد البعيد عن بيته
و بعد انتهاء الصلاة ، توجه هو إلى الميكروفون و أنا لازلت في الركعة الثانية
و إذا به ينعي وفاة الأستاذ علاء عصام جُبة ، و شعرت بانقباضة في قلبي ، الإسم يشبه اسمه ، و لكن الأمر ليس بالسهل عليّ تصديقه ، انتهيت من الصلاة و خرجت من المسجد لأسأله ، " انت تقصد مين ؟ تقصد علاء ؟؟؟ " قال " أيوه علاء " ، " علاء صاحبنا ؟؟؟ " قال " أيوه هو " ، علاء خريج كلية التجارة ؟؟!! قال هو علاء


لم أصدق نفسي ، و جلست على الأرض أبكي و أبكي ، حتى استوعبت الأمر ، ثم نهضت و قلت له " حصل ازاي الموضوع ده و فين و ازاي ؟؟؟ " و راح يسرد لي الأمر بإيجاز ، فتأكدت منه من موعد الجنازة و من المسجد الذي سوف تخرج منه ، و انصرفت إلى بيتي و أنا انتحب و انتحب كما التائه لا يدري أين تأخذه قدماه ، تركتها تسير فهي تعرف الطريق وحدها ، و كل ما يدور بذهني تساؤلات


هل انتهى الأمر هكذا ؟؟ ، ألن أراه ثانية في صلاة الفجر ؟؟ ، ألن أراه كل جمعة بعد الصلاة ؟؟ ، ألن أراه في مناسبات الإخوة التي كان حريصاً كل الحرص على حضورها ؟؟ هل غابت هذه البسمة إلى الأبد ؟؟ هل كان ملك الموت يتتبعه و هو بيننا ؟؟ لم يغب عني كثيراً ، فقد كنا منذ يومين في حفل خطبة أحد إخواننا ، فهل كان ملك الموت يتتبعه في روحته و غدوته ؟؟


و على قدر ما أضحكتنا يا علاء باسكتشاتك اللطيفة و " قفشاتك " الجميلة ، على قدر ما أبكيتنا برحيلك عنّا


أدخل البيت و أنا انتحب و سمعت والدتي صوت بكائي و أنا بالباب الخارجي ، فخرجت لي مسرعة مندهشة ، تسألني " مالك يا بني ؟!! " و أنا لا أجيب ، و دخلت الشقة و خرجت لي أختي من غرفتها تسألني هي الأخرى ، و استيقظ والدي على إثر نحيبي ، و قد ارتميت بوجهي على " الكنبه " و يسألونني جميعاً و لست مجيباً أحد ، لست أقول غير ( إنا لله و إنا إليه راجعون ) أرددها كثيراً خشية أن ينفلت لساني بما يغضب ربي ، و بعد ما صاروا يسألونني عما بي بإلحاح شديد ، قلت بالكاد " واحد صاحبي مات " و أي واحد هو ؟! ، ليس كأي أحد ، إنه علاء


علاء ، الأخلاق متجسدة في إنسان
علاء ، الذوق و الأدب و الحترام
علاء ، البسمة و الضحكة و الفرح
علاء ، الدعوة المخلصة الصادقة
علاء ، الشباب في عنفوانه و قوته


علاء ، آخر إنسان أتوقع أن نفقده هكذا من بيننا و هو في عز شبابه ، فهو كان - و لا مبالغة - أكثرنا شباباً و حيوية


نهضت من على " الكنبه " و ذهبت إلى الكمبيوتر أستخرج صوره و أبكي ، حتى نهضت و ذهبت إلى غرفتي و استلقيت على سريري أكتم أنفاسي و بكائي ، قررت أن أنام حتى أستطيع أن أصحو للجنازة ، ولكن من أين النوم يأتي ؟!! ، فلم أنم ، رحت إلى الكمبيوتر ، و قررت كتابة التدوينة السابقة ، بعد أن قصصت صور علاء حتى أضعها بالتدوينة
ثم بعدها رحت أخلد للنوم بعد أن أرهقني و أعياني البكاء و بعد أن جفت الدموع من عيني


ليس أمامي وقت طويل ، أنام فقط ساعة و ثلث الساعة حتى أستطيع أن أذهب للمسجد مبكراً ، و بعد أن نهضت من نومي على صوت المنبه ، أحسست بنوع من التوهان ، لا أدري ما هذا اليوم ، هل هو يوم حقيقي ؟

نهضت و أنا أحس بنوع من الذهول ، ارتديت ملابسي و توجهت للمسجد الذي سوف تخرج منه الجنازة ، و لكن و أنا في الشارع أحسست بأن قدماي لا تستطيعان حملي ، فاستوقفت " توك توك " و توجه بي إلى المسجد ، و أنا لا أكاد أصدق بعد ، و أسأل نفسي في حيرة ، إلى أين أنا ذاهب ؟!! ، هل حقيقةً إلى جنازة علاء ؟!! ، هل أنا ذاهب لأودع جثمانه إلى الأبد ؟!! ، هل صعدت روحه إلى بارئها ؟!! ، لست مدركاً للأمر و أبعاده ، لست متهيئاً لهذا الحدث و هو ثاني حدث يمر عليّ كهذا في خلال 6 أشهر فقط بعد أن قضى صديقي الضابط الشهيد محمد عبد الكريم المتناوي شهيداً للواجب و هو يدافع عن فتاة كانت مختطفة بهدف اغتصابها


دخلت المسجد فإذا به ممتلئ بأصحابي و أصدقائي و أناس أعرفهم و آخرون لا أعرفهم ، و لا أكاد أتخيل أن هذا النعش الذي هو أمامي يرقد بداخله أخي و حبيبي علاء ، تقدمت الصفوف حتى أجلس بجواره و لو للحظات قبل أن نودعه للأبد ، و الخطيب والد أحد إخواننا يخطب فينا مواسياً و معدداً مناقب علاء و داعياً له ، حتى حان وقت الصلاة ، و لا أدرك الأمر بجد ، الأحداث تتسارع نحو نقطة واحدة ، الأحداث تتجه كلها نحو تلك النقطة


أفيق من شرودي على التكبير ، و عندما حان الدعاء له ، ارتج المسجد بالبكاء و النحيب ، و تمنيت ألا ينطق الإمام بالتكبيرة الرابعة ، تمنيت أن نظل بقية عمرنا ندعو له ، فمهما دعونا لن نوفيه ، و لكن الأحداث لازالت تتسارع و تنتهي الصلاة ، شيئ عجيب يحدث لي ، أنظر إلى شخص ما فأراه علاء ، أقول في نفسي " علاء أهو ، لسه عايش " ، أقترب منه ، فلا أجده هو ، أقول ربما يشبهه ، أقترب أكثر ، فلا أجد أي شبه ، ليتكرر معي هذا الأمر أكثر من مرة ، فأدركت أنها هلوسة ، أخرج خارج المسجد مسرعاً لأقف على الباب و أستعد لخروج النعش و حمله ، و هم بالداخل يقفون بجواره ينتحبون و يدعون له ، و أخيراً يخرج النعش من المسجد متجهاً إلى تلك النقطة التي تتسارع في اتجاهها


أحمل النعش و لا أكاد أصدق أنني أحمله ، أصبر نفسي بقراءة القرآن و الدعاء له ، و أترك النعش لغيري حتى ينال الثواب ، لأسير بجواره ، و أشغل لساني أحياناً بالدعاء له ، و يلجم البكاء لساني أحياني أخرى


و سريعاً سريعاً نصل إلى تلك النقطة ، حيث القبر مفتوح في انتظار هذا الجسد الطاهر و يوضع النعش ، و يحملون جسد علاء ليدخلوه في هذا المكان الضيق المكتوم ، من هذه الفتحة الصغيرة التي لا تصل في مساحتها إلى مساحة شباك في منزل ، و يعلو صوت البكاء ، و تتابع النظرات الأخيرة على جسد هذا الملاك ، و تمر اللحظات متسارعة ، ثم ، ثم يغلقون عليه القبر و هو فيه وحيد ، لا إنسان منا معه ، تركه الأهل و الأصحاب و الأحباب و الجيران ، أغلقوا عليه الباب بالأقفال ، فلا أنيس منا و لا جليس


وقفنا يخطب فينا أحدهم و يدعو له ، و انصرف الناس و بقينا بجواره لا نريد أن نتركه و نمضي ، ختمنا على قبره القرآن ، فقد كان يوصي إخواننا بأن نختم له القرآن يوم عرسه ، و لكننا نختمه اليوم ، يوم رحيله


و بالكاد استنهضَنا مربيينا لنمضي و نتركه و نحن لا نريد أن نتركه ، و لكن مضينا امتثالاً لسنة نبينا لما ذكرنا بها أحد مربيينا ، و أنا ألقى النظرات الأخيرة على قبره في صمت ، و أتخيل كيف يبيت الليلة وحيد ، في ظلام علينا شديد ، إلى يوم الخلود ، و لكن الله سوف يضيء له قبره ، و سوف يؤنس وحشته إن شاء الله ، إلى أن يدخله برحمته في جنات و نهر ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر


كان هذا اليوم يوماً صامتاً
لم أحدث فيه أحداً إلا قليلاً
رحلت يا علاء يا صاحب البسمات و الضحكات
رحلت و طبعت في قلوبنا

بسمة باكية


اللهم اجعل القرآن له جليساً و أنيساً
اللهم اجعل عمله الصالح له جليساً و أنيساً
اللهم وسع له في قبره مد بصره
اللهم أظله في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك
اللهم اسقه يوم القيامة شربة لا يظمأ بعدها أبداً
اللهم أدخل الجنة بلا مناقشة حساب و لا سابقة عذاب
اللهم أسكنه الفردوس الأعلى مع الشهداء و الصدقين و الأنبياء و المرسلين
و حسن أولئك رفيقاً
posted by ومضات .. أحمد الجعلى at 4:17 ص 5 comments

الثلاثاء، 11 سبتمبر 2007

وداعا علاء

عمر الجارحى يكتب وداعا ..علاء

كانت الساعة العاشرة صباحا .. وربما قبل ذلك بقليل .. استيقظ مسرعا ليرتدي ثيابه ويخرج ليكمل اعماله وصفقاته .. ويحقق احلامه وطموحاته ومشاريعه التى ارادها

لم يكن يدور بخلده ان هذه هى اخر مرة يزرر قميصه .. لم يكن ليعلم ان هناك شخص ما فى مكان ما مكتوب له ان يخلع عنه قميصه بليل .. لم يدري ان هذه هى اخر مرة يخرج فيها من بيته .. وانه سيذهب الى بيت اخر غير الذى اعتاد عليه .. لم يعلم انه لن يرى امه واخوته مرة اخرى الا فى بيت غير البيت .. ومكان غير المكان ... وعالم غير العالم
ربما كان يؤمل ان يعود الى البيت ليتناول وجبة عشاء بين اهله واخوته .. يا الله لم يستطع ان يحقق اخر امانيه

كم هى صعبة هذه الحياة ... مالى وللدنيا .. ومال الدنيا ومالى

كنت انا بين اهلى اتناول العشاء .. بينما كان هو يصارع الموت و يلفظ اخر انفاسه فى دنيا فانية

هل كان يعلم ان هذه السيارة التى سيركبها .. ستكون اخر ما يركب
هل كان علم ان ملك الموت قد نزل من السماء ليقبض روحه
هل علم ان هذه اخر مكالمة له فى الدنيا ؟؟

كم هى صعبة هذه المشاعر



غلبتنى عيناي واحسست برغبة فى النوم .. ذهبت لانام ولا شئ غير عادى

ومن حظى العاثر انى وضعت الموبايل بجانبى

واذا بى استيقظ على رنين مزعج .. كان صلاح يتصل بى

لم استطع الرد عليه .. وكنت اتوقع انى ساخرج فى نزهة اخرى ليلا

او انه يريد الحديث معى فى شئ

ووجدت رسالتين على الموبايل .. فتحت الاولى .. فاذا بى اجد بها وفاة اخونا ...

انتفضت .. اخونا من ؟؟ افتح الرسالة ايها الجهاز الغبى

فتحتها فاذا بالصاعقة


علاء جبة

يا الله

اهو هو !!

هل هو علاء الذى اعرفه ام انه تشابه اسماء ؟؟

ظللت ابحث هل يقصد ابوه .. ام امه .. ام احد اقاربه ؟؟

فتحت الثانية .. فاذا بها نعى لنفس الاسم

قمت مسرعا .. اتصلت بصلاح

ما هذا الذى حدث ؟؟

وكيف حدث .. لم يتمالك احد منا نفسه

اغلق صلاح الهاتف قبل ان يكمل

فوجئت بعدها بعشرات الاتصالات من اشخاص عديدين

وما يفوق سبعة رسائل كلها تنعى شخصا واحدا

لم استطع الرد على اى اتصال

الكثير اتصلوا .. ولم استطع ان ارد على احد منهم

قمت لكى اذهب الى اى مكان .. دخلت غرفة اخى التى بها الكمبيوتر



ويا سبحان الله

كان نائما والقرآن يتلى

وكان يقرأ الاية

" كل من عليها فان () ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام () فبأى الاء ربكما تكذبان "

لا نكذب ابدا ً

ذهبت بعدها .. اتصلت باحمد الريدي .. هل حقا مات علاء يا احمد ؟؟

اجب .. ما الذى حدث يا احمد

سكوت

اغلقت الهاتف

ظللت فترة لا اتحرك .. غلبتنى دموعى

ذهبت الى الجهاز اتفقد صور علاء عندى

هل حقا لن اراك ثانية ؟؟

هل حقا لن ارى اسمك على هاتفى مرة اخرى

لا .. انا فى حلم

لابد ان المقصود شخص اخر

قمت وتوضأت وصليت ركعتين

ولا اذكر انى دعيت بشئ الا لعلاء .. وبدعاء اللهم بلغنا رمضان

نعم لقد مات علاء قبل رمضان بيومين

يااااااااه .. ما اصعبها من حياة

ان تكون مشتاقا الى شهر الخيرات و يسبق عليك الكتاب

ان تنوي وتعزم على المضى قدما مسرعا الى الله .. و يكون قدر الله سابق

يارب .. هل سنعيش الى رمضان .. ان سيسبق علينا الاجل

-------------------------------------------------


علاء عصام جبة .. من الشخصيات المرحة ولديهم حس الدعابة بشكل كبير

كان يسبقنى بعام فى الدراسة فى الكلية

كل من تعرف عليه احبه حبا كبيرا ... حقا كان شخصا غير اعتياديا

بعدما تخرج بدأ يأخد الاعمال التى كان يقوم بها والده ... وبدأ يتوسع فيها ويحقق فيها نجاحات كبيرة

والله ان العين لتدمع .. وان القلب ليحزن .. وانا على فراقك يا علاء لمحزونون
ولكن لا نقول الا ما يرضى ربنا .. انا لله وانا اليه راجعون
عزائنا انك قد مت شهيدا

مات علاء .. ماتت احلام علاء .. ماتت روح علاء بيننا

وداعا ً .. علاء جبة
--------------
متابعة: علاء مات شهيدا .. غريقا بعد ان انقلبت السيارة الى كان يقودها ابن خاله
على طريق ترعة المريوطية يوم الاحد مساءا
رحمه الله .. وشفى ابن خاله شفاءا لا يغادر سقما
-----------

هؤلاء أيضا كتبوا يودعون علاء
سباعى يكتب : وداعا أخى وحبيبى علاء جبة
عمرو كمال: قلب آخر لم يخلق للحياة
محمد عبد العاطى يكتب: علاء مات
أحمد الجعلى يكتب: أرغب فى نظارة شمسة
شاهين يكتب: علاء لا تنسى .. موعدنا الحوض
أحمد يكتب: علاء رحل
وائل يكتب : وداعا يا أعز الأصدقاء

posted by ومضات .. أحمد الجعلى at 4:13 ص 2 comments

الخميس، 6 سبتمبر 2007

عند رحيل الحبيب



كتبه أحمد شلبى نقلا عن مدونة لأنى انسان


أحيانا قد تعطينا الحياة معنى للبقاء إذا كنا نجهل هذا المعنى ..وأحيانا أخرى قد تسلبنا الحياة معنى البقاء ... أو تقف أمامنا الحياة ككتلة مصمتة لاتعطي ولاتسلب

ظني أن أعجب ما في هذه الدنيا هي ذاتها .. الدنيا نفسها ... أتشعر بهذه اللحظة حينما تظن أن كل شئ على ما يرام ثم فجأة ينزل عليك خبر ما تشعر وقتها بصفعة لم تكن تلقي لها بالا أو تحسب لها حسابا مثل موت حبيب أو فقدان عزيز .. تطعنك الحياة في مقتل للعاطفة وفي خلسة منك ومن الزمن

لا أتجنى على قضاء الله وقدره سبحانه جل وعلى لكن فقط اسأل عن معنى للدنيا في هذه اللحظة ... لحظة الحزن

***

أحيانا يصغر معنى الدنيا في نفسي فلا يبلغ مثقال ذرة .. وأحيانا أخرى تعظم نفسي معنى الدنيا فيكون كالجبال أو اشد وطأة

أحيانا ... اهرب من بعض ما تفرضه عليا الدنيا من حقائق ومواجهات

وأحيانا أخرى أخوض غمار التجربة مهملا ما قد تصوره نفسي على انه (جدار العزل) أو الموقف الصعب الرهيب الذي لا منجاة منه ولا خلاص

أحيانا أجد لمحات الجمال في مباهج الدنيا وزينتها

وأحيانا أخرى يكون الصدر ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء

***

لي حبيب وقريب .. اعرفه ويعرفني قد تبعد بيننا الأقطار .. لكن يظل إحساس الوجدان واقرا في القلب ...أهملت نفسي عمل الجوارح أو استصعبته أحيانا فلا أقوم معه بواجب صلة الرحم حتى فاجئني الزمان بموته

وقتها أعود لأنصب خيمة الذكريات .. وتنهال نفسي عليا لوما وتوبيخا على ما كان مني من التقصير في وداد المحبين

اللهم ارحمه واعفو عنه وأكرم نزله ووسع مدخله ونقه من خطاياه كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس واغسله بالماء والثلج والبرد واجعل حياته في البرزخ نعيما مقيما وقه سيئات ما عمل وجازه بالإحسان إحسانا وبالسيئات عفوا .. اللهم آمين
posted by ومضات .. أحمد الجعلى at 12:59 ص 1 comments

الأحد، 2 سبتمبر 2007

سلام على تلك الرمائم فى التراب

نقلا عن إسلام لطفى فى مدونته الكواكبى
اليوم هو الذكرى العشرون لوفاة والدي رحمة الله عليه
تفاجأت منذ حوالي 15 دقيقة أني فقدت أبي منذ عشرون عاماً بالتمام والكمال
حقيقة لم أعاشره كثيراً . . فقد رحل ولم ابلغ 8 سنوات؛ فعلياً وعيت له ولحبه الجارف لي باعتباري آخر العنقود الذي جاء للحياة في الوقت بدل الضائع لمدة ثلاثة أو اربعة سنوات تقريباً
وعلى صغر وقصر تلك الفترة إلا ان قناعتي لا تتبدل أن تلك السنوات القلائل كانت من أهم سنوات عمري كله وكيف لا وهي سنون الطفولة في أحضان أب
لا أتذكر عن الأستاذ لطفي علي شلبي الكثير . . لا اتذكر سوى صورته ونبرة صوته اللذين لا أنساهما ابداً؛ اتذكر رائحة أحضانه الطيبة والمميزة تلك الأحضان التي كنت أهرب اليها من أي كارثة اتسبب فيها و من الدنيا كلها
بشكل عام كانت رائحته الزكية تنتشر في اي مكان يجلس او يمر به وأظن ان شغفي وافراطي في التطيب له علاقة بهذا الأمر؛ أتذكر محافظته على الصلاة وعموماً منذ أن وطأت قدماي أعتاب المراهقة وأنا لا إرادياً لا أحترم أي رجل لا يصلي حتى في الفترات التي كنت لا انتظم في الصلاة فيها . . ربما لأنه زرع في صدري دونما توجيه او ارشاد وجوب المحافظة على الصلاة بمحافظته ومواظبته عليها
اتذكره وهو مرتدي جلبابه الأبيض المفرود بعناية وهو يصطحبني لكل صلاة جمعة في المسجد الكبير بالقرب من بيتنا القديم في شبرا
اتذكره وهو يصطحبني في معظم زياراته لقريتنا واتذكر حب بسطاء قريتنا الكبير له وترحيبهم به وبما يحمله لهم من خير في كل زيارة وحتى الآن بعد مرور عشرون عاماً على غيابه لا يعرفني أحد في قريتنا إلا ان قام احد الحضور بتعريفي للناس بأني ابن المرحوم الحاج لطفي شلبي
اتذكر نظارة القراءة الخاصة به ماركة بيرسول ولونها اسود وكانت بحق مميزة جداً . . إذ ان أبي كان فريداً في نظارته الطبية فلديه عين بها طول نظر والأخرى قصر نظر
اتذكرك يا ابي ولم ولن انسى طيب ذكراك
وسأبقى أتذكر بشكل جيد جداً هذا الصباح الرمضاني القائظ الذي بلغني فيه خبر وفاتك
واتذكر جيداً اني لم ابكيك كثيراً في أول أيام غيابك عن عالمي ربما لعدم ادراكي واستيعابي لمعنى أن تكون طفلاً بغير أب؛ ربما لما كان قد ترسب في ذهني من تعاليم تلقيتها في المسجد في سني الصغير آنذاك أن من يمت في رمضان يغفر الله له ويدخله الجنة
لم ابكك يا أبي في اول أيام غيابك ولكن بكيتك وابكيك باقي العمر
اللهم اغفر لأبي وارحمه
اللهم اسكنه فردوسك الأعلى
سلامُ عليك يا أبي
سلامُ على تلك الرمائم في التراب
posted by ومضات .. أحمد الجعلى at 1:12 ص 0 comments

الجمعة، 31 أغسطس 2007

إنه لا يزال يزورنا.. لم أكن أعلم

منذ عام كامل توفى والدى رحمه الله عز وجل وبعد وفاته بعدة أسابيع كتبت موضوعا بعنوان إنه يزورنا

ولكنى لم أكن أعلم أننى مع موعد جديد للقاء ذاك الزائر مرة اخرى بعد عام كامل ومع نفس المرض الذى ادى لوفاة والدى، ولكنه هذه المرة مع زوجة عمى .

العجيب أن المرة الماضية لم أكن بجوار والدى فى لحظاته الأخيرة وكان ابن عمى هناك فى سفر والدى هو من يرعاه ويرعى أسرتى ويقضى طلباتهم.
لم أكن أعلم أن الأيام ستمر وتدور دورتها لأكون انا هنا بجوار والدته وأسرته وهو هناك تفصله عنهم آلاف الكيلو مترات.

فى العام الماضى كنت أسابق الزمن لأحصل على التأشيرة ولأسافر لأكون بجوار والدى ولكن قضاء الله كان قد سبق وتم دفنه قبيل سفرى بيومين
لم أكن أعلم أن ابن عمى سيحاول هو أيضا الوصول بأسرع ما يكون ولكن القدر لم يمهله إلا أن يلقى نظرة وداع على والدته قبيل دفنها.

فى العام الماضى تساءلت من ياترى ينظر إليه ملك الموت ويتامله عادا عليه انفاسه وساعاته الأخيرة.
لم اكن أعلم أن زوجة عمى والتى تسكن على بعد خطوات من بيتنا هى من ينتظر ملك الموت لحظة قد قدرت من قبل أن تولد ليقبض روحها

منذ أيام كانت كيانا حيا يرقد على سرير فى تلك الغرفة فى المستشفى
لم نكن نعلم أنه قد بدأ العد التنازلى لكى نحملها على اكتافنا وندخلها بأدينا إلى ظلمة قبرها ووحشته

منذ أيام كنت فى زيارتها وطلبت منى أن أقرأ لها قرآنا وأدعو لها وعلى استحياء فعلت راجيا من الله شفاءها
لم أكن أعلم أنه بعد ساعات قليلة سأدخل إلى ذات الغرفة وأقرأ القرآن ولكن هذه المرة راجيا من الله ان يرحمها ويغفر لها ويثبتها

منذ شهر وبعض أيام كانت هى تركب معنا سيارتنا فى سفر لبلدنا فى أحد المحافظات لنقوم بواجب العزاء فى قريبة لنا ولها
لم نكن نعلم أنه بعد شهر سيكون واجب العزاء فيها هى وسياتى الأقراب من البلد لحضور عزائها

اللهم يا رب فاغفر لها وارحمها وثبتها وتجاوز عنها ولقها برحمتك رضاك حتى تبعثها آمنة مطمئنة يوم القيامة.

حقا اخوانى انه لا زال يزورنا
posted by ومضات .. أحمد الجعلى at 8:50 ص 1 comments

إنه يزورنا



إنه يزورنا

قرأت عنه كثيرا من قبل، كما يفعل العديدون وربما أنت أحدهم، كنت من خلال قراءاتى ومعرفتي به أعلم أنه يزور الجميع دون استثناء، ولكني بالرغم من ذلك كنت أستبعد- ولو حتى في عقلي اللاواعي- زياراته لنا. فبالتأكيد لديه العديد من المهام الأخرى وفي ذات الوقت هناك أمامنا نحن أيضا العديد من الأمور لننجزها وننهيها قبل أن يأتينا.

نعم بالتأكيد لازال هناك وقت ...

علمت أنه في العام قبل الماضى زار بيت عمى الريفي البسيط في قريتنا الصغيرة، وبالرغم من ذلك كنت متأكدا أنه أمامنا - ولا شك - بعض الوقت قبل أن يحسم أمره ويأتينا.
نعم بالتأكيد لازال هناك الوقت . ..

إنه فعلا يزورنا!!


استيقظت فى ذلك اليوم مبكرا لأنهى بعض الإجراءات المتعلقة بالسفر لألحق بوالدي المريض فى الخارج والذي يمنعه مرضه من العودة لمصر، و بعد رحلة طويلة من الروتين المصري المعتاد دام لمدة أسبوع تحصلت على تأشيرة السفر، كدت وأنا أمسكها بيدي أن أتقافز طربا وفرحا فما هي إلا بضع ساعات وأكون هناك بجوار والدي أطمئن عليه.

خرجت من المبنى بعد إنهاء الإجراءات حاملا جواز سفري المذيل بخاتم تأشيرة السفر، فوجدت أخي الأكبر أمام المبنى .. فوجئت وتعجبت من وجوده في هذا المكان.

ولكن لا بأس فوجوده الآن سيساعدني في إتمام إجراءات الحجز والسفر.

قلت له بابتسامة تملأ وجهي: أخي ... الحمد لله أخيرا حصلت على التأشيرة ويمكنني السفر اليوم..... ولكن ما الذى أتى بك إلى هنا ؟!!

أخى رادا عليّ: أخي ... ... لقد استرد الله وديعته

انتهى الحوار بهذه الكلمات، لم أعرف بعدها ماذا حدث ربما حالة من الجمود أو تبلد المشاعر، ثم تلاها تفكير عميق . . يااااااااااااااه ... إنه فعلا يزورنا .

الزائر الأخير


لم تكذب الكتب والأخبار عنه فهو بالفعل لا بد وأن يزور الجميع.

وكل أوهامي بأنه لازال هناك وقت طويل قبل زيارته، كل هذه الأوهام كنت أنسجها أنا من خيالي.

هو أبدا لم يعدني أنه سيحقق أوهامي وآمالي بتأخير زيارته لنا.

هو أبدا لم يخبر أنه ينتظر عمرا معينا.

هو أبدا لم يخبر أنه ينتظر حدثا معينا.

هو أبدا لم يعد أحدا أنه سيمهله حتى يحسن عمله، أو حتى يكبر أبناؤه، أو حتى ينجز طموحاته وأحلامه فى الحياة.

هو أبدا لم يحدد لا ميعادا ولا جنسا ولا مناسبة، كل ما أخبر عنه أنه يزور الجميع، الجميع بلا استثناء لا فرق بين طفل وشاب وشيخ، لا فرق بين غني و فقير، أو بين طائع و عاصي، أو بين شاب و فتاة. نعم إنه يزور الجميع!!

كلاكيت مرة واحدة!


ختم الموظف فى المطار جواز سفري مرحبا بي فى بلده متمنيا لي وقتا ممتعا، رسمت ابتسامة على وجهي هي أقصى ما أمكنني أن أقدمه له، وانطلقت إلى البيت الذى كان يسكنه والدي.
تأملت مكتبته الكبيرة وكتبه وأوراقه المؤشر عليها بقلمه، وهذه مجموعة أوراق أخرى مزيلة بملاحظاته وتعليقاته.

لقد كان إذن والدي منذ أيام قليلة ترسا يدور في مصنع الحياة الضخم، ينتج ويعمل يأكل ويشرب، يفكر ويشعر، يفرح ويحزن، ولكنه بعد انتهاء الزيارة، قد أصبح أثرا بعد عين، وطيفا بعد واقع، وذكرى من الخيال بعد أن كان واقعا ملموسا.
بعد الزيارة تحول هذا الخطيب المفوه صاحب البلاغة والبيان إلى جثمان صامت أصم . .

تحولت الحياة والحركة والنشاط إلى جسد مسجى هامد. . تحول الوجه الضاحك البسام إلى وجه جامد بارد. .والعين المتقدة التي تنبض بالحياة أصبحت مغلقة عميقة خاوية من أي لون من بريق الحياة.

وهذا الجسد الذى كان منذ أيام يروح ويجئ بملئ إرادة صاحبه، أصبح اليوم ملهاة لمن أراد أن يحركه يمنة ويسره ويقلبه كيف يشاء.

أتت الزيارة لتخط كلمة النهاية في فيلم جسّد حياة والدي، ولكن من أسف هذا الفيلم يذاع مرة واحدة هي عمر وحياة بطله، وليس لأحد أن يشاهد الفيلم مرة أخرى إلا أن يبقى على ذكراه.

أتت الزيارة لتعلن أن هذا الجسد أصبح مسكنه منذ الساعة هو تحت الأرض وفي ظلمة القبر، غير عابئ بحبات التراب التي أهيلت على هذا الوجه الذى كان فى شبابه متفائلا وسيما وفى كبره وقورا حكيما.

نعم إنه يزور الجميع، وكفى به واعظا كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما زالت زياراته تتعدد.

يزور فى كل يوم أقطارا وبلدانا وبيوتا، ليمر بها للحظات يؤدي واجبه الذى ألزمه الله به، ويترك بعدها البيوت لأيام وشهور وسنوات تتحدث عن ذكرى زيارته، وربما يتفكرونه مرة وينسونه أخرى، حتى يعود من جديد، ويكرر الزيارة في بعيد أو قريب، فنتأهب من جديد وتهمس الأنفس فى رهبة إنه يزورنا.

ثم سرعان ما تدور عجلة الزمن وتعود الدنيا لتنسى آثار هذه الزيارة. حتى يعود من جديد ويطرق نفس البيت ويأذن برحيل شخص جديد ولكن يا ترى في هذه المرة الجديدة من سيكون عليه الاختيار !!

ومن ياترى ينظر إليه ملك الموت الآن متفحصا وجهه، ومنتظرا لحظات سيحين بعدها أجله !!

تزوّد من التقوى فإنك لا تـدري إذا جنّ ليل ، هل تعيش إلى الفجر؟!
فكم من صحيح مات من غير علة وكم من عليل عاش حينا من الدهر؟!
وكم من صبي يرتجي طـول عمره وقد نُسجت أكفانه وهو لا يدري ؟!
وكم من عروس زينوها لزوجـها وقــد قُبضت روحاهما ليلة القدر؟!


posted by ومضات .. أحمد الجعلى at 8:45 ص 1 comments

الخميس، 16 أغسطس 2007

أدب الموت

أحيانا تشعر بانك فى قمة الاحباط واليأس

واحيانا تعيش تحت ضغط الكآبة والحزن

أحينا نكون فى شوق لدمعة تسيل على الخد ولكنا لا نملك زناد اطلاقها

أحيانا نحتاج أن تتحرك هذه المشاعر التى نملكها بنسمة رقيقة او بعاصفة عاتية

أحيانا نريد أن نتعظ ...

فكفى بالموت ملبيا لكل ما سبق، وكفى بالموت واعظا.

فى هذه المساحة سنطوف هنا وهناك لنحضر تلك الأدبيات التى تتكلم عن الموت فتهتز لها القلوب وربما تتحرك لها العيون.

إن كنت تملك واحدة من تلك الأدبيات او ترشح احدها فلا تبخل علينا بوضع رابط لها فى التعليقات

posted by ومضات .. أحمد الجعلى at 3:12 م 1 comments